• بداية عام قوية للسندات السعودية المقومة باليورو .. الإقبال يبعدها 19 نقطة عن الفائدة الصفرية

    10/01/2021

    "الاقتصادية" من الرياض

    سجلت أدوات الدين المقومة بعملة اليورو والصادرة عن حكومة السعودية، بداية ائتمانية قوية في مطلع العام الجديد خلال تداولاتها الثانوية في بورصة لندن.
    وأظهرت بيانات منصة IHS Markit أن السندات العشرينية للسعودية كانت تتداول عند 109.16 سنت لليورو في الأول من يناير، وساهم إقبال المستثمرين على حيازة سندات عملة اليورو للسعودية (ذات أجل ثمانية أعوام) بجعلها تبتعد حاليا 19 نقطة أساس عن الفائدة الصفرية، وذلك بعد أن اضطر المستثمرون الأوروبيون للبحث عن عوائد إيجابية من جهات سيادية ذات ملاءة مالية عالية وجدارة ائتمانية قوية.
    ولاحظ العاملون في أسواق الدخل الثابت ازدياد الإقبال على الإصدارين الوحيدين للسعودية باليورو (لكونها تعد بين الملاذات الآمنة بالأسواق الناشئة)، بعد أن تجاوزت الديون العالمية سالبة العائد 18 تريليون دولار لأول مرة في الشهر الماضي.
    وكشفت البيانات التاريخية لمنصة IHS Markit عن تسجيل سندات ذات أجل ثمانية أعوام أدنى عائد تاريخي عند 0.14 في المائة بالربع الأول من العام الماضي، لتصبح السعودية بذلك أقرب الدول العربية للانضمام إلى قائمة الدول المصدرة للديون سالبة العائد.

    المقارنة الأوروبية
    وأداء نجاح السعودية في احتواء الجائحة وتحسن مؤشرات الاقتصاد في الدفع بسندات عملة اليورو لتحقيق مكاسب سنوية تفوق ما حققه مؤشر قياس سندات العملة نفسها التابعة لكبرى اقتصادات منطقة اليورو.
    وفي الوقت الذي حققت فيه السندات العشرينية مكاسب سنوية بمقدار 3.59 في المائة عن 2020، بلغت مكاسب مؤشر آيبوكس المتخصص بقياس أداء السندات السيادية المقومة باليورو iBoxx € Sovereigns 2.8 في المائة عن الفترة نفسها.
    ومع العلم أن هذا المؤشر يحتوي على سندات كبرى الدول الأوروبية ومن ضمنها سندات الحكومة الألمانية، التي تعد معيارا للجودة في القارة، نظرا لكونها تعادل بقوتها سندات الخزانة الأمريكية، لأنها توفر الضمانات الأكثر أمانا، وتعد في الأساس خالية من المخاطر.
    وتكرر تفوق السندات العشرينية مع مؤشر آيبوكس الخاص بقياس أداء إصدارات اليورو من الأسواق الناشئة iBoxx EUR Overall Emerging Markets، الذي أنهى العام الماضي بمكاسب ضئيلة عند 0.14 في المائة. مع العلم أن سندات السعودية لأجل ثمانية أعوام قد عادت بمكاسب بنهاية 2020 بلغت 0.35 في المائة خلال التعاملات الأوروبية.

    المقارنة الآسيوية
    وأظهر رصد وحدة التقارير الاقتصادية أن المستثمرين الأوروبيين قد فضلوا السندات العشرينية للسعودية على نظيرتها الصينية ذات الأجل نفسه، التي تتداول عند 101.7 سنت لليورو، مقابل 109.1 سنت لليورو لسندات السعودية. مع العلم أن السعودية تشترك مع الصين، كبرى اقتصادات العالم، مع درجة التصنيف الائتماني (A1 والصادر من موديز).
    وكشف المسح كذلك أن السعودية قد غدت ثاني دولة على مستوى القارة الآسيوية (من فئة التصنيف الائتماني A فما فوق)، التي تتداول سندات اليورو العشرينية عند تلك المستويات الحالية، لتتفوق بذلك على كوريا التي تتداول سنداتها عند 108.3 سنت لليورو.
    واستندت تحليلات وحدة التقارير الاقتصادية حول منحنى العائد وأسعار وعوائد أدوات الدين باليورو للسعودية على عدة مصادر وهي منصة IHS Markit للخدمات المالية، التي تعد واحدة من أشهر منصات التحليلات المالية، التي يستعين بها المجتمع الاستثماري العالمي من أجل تقييم الأوراق المالية وبناء القرار الاستثماري وكذلك منصة سي بوندز Cbonds، التي يستعين العاملون بأسواق الدخل الثابت بمنصتها من أجل تتبع حركة مؤشرات أسواق الائتمان العالمية.

    التشوه السعري
    ومع معدلات الفائدة السالبة المستدامة على ديون ذات آجال استحقاق طويلة الأجل، تقوم شركات التأمين وصناديق المعاشات التقاعدية والبنوك التجارية، التي تتسلم الودائع بإعادة تحقيق التوازن في محافظهم الاستثمارية من الأصول الآمنة.
    ويعكس الأداء المتميز على السندات العشرينية الطلب الواضح على تلك الأوراق المالية، وذلك بعد سعي مستثمري القارة الأوروبية نحو عائد التوزيعات الدورية الإيجابية.
    وجاء التشوه السعري "لأسعار أدوات الدين ودخول بعضها المنطقة السالبة"، بعد تبني معظم البنوك المركزية استراتيجية التيسير الكمي. وأصدرت السعودية في يوليو 2019 باكورة إصداراتها من أدوات الدخل الثابت المقومة بعملة القارة الأوروبية، بعد أن بلغ إجمالي الطرح ثلاثة مليارات يورو "ما يعادل 12.70 مليار ريال".
    وتم تقسيم الطرح على شريحتين، مليار يورو "ما يعادل 4.2 مليار ريال" لسندات ثمانية أعوام استحقاق عام 2027، ومليارا يورو "ما يعادل 8.4 مليار ريال" لسندات 20 عاما استحقاق 2039.
    ومعلوم أن العائد النهائي لشريحة ثمانية أعوام بلغ 0.75 في المائة "ويدفع على شكل سنوي"، في حين بلغ العائد النهائي لشريحة الـ20 عاما 2.00 في المائة.
    وكانت السعودية قد أصبحت في تموز (يوليو) 2019 أول دولة خليجية تصدر سندات مقومة بعملة المنطقة الأوروبية وسادس دولة عربية تستعين بعملة اليورو مع برنامج استدانتها، بعد مصر والمغرب والجزائر وتونس ولبنان.

    المستثمرون الأوروبيون
    وكان التوزيع الجغرافي لإصدار السعودية من السندات المقومة باليورو قد كشف عن وجود لافت للمستثمرين الألمان والإيطاليين والسويسريين.
    كما عزز المستثمرون البريطانيون وجودهم التقليدي مع إصدارات السعودية السابقة عندما انتزعوا المرتبة الأولى، التي كانت تحجز في العادة لمستثمري الولايات المتحدة مع الإصدارات المقومة بالدولار، ذلك بنسبة تخصيص "لكلتا الشريحتين" وصلت إلى 28 في المائة.
    واستحوذ الألمان على المرتبة الثانية من حيث التخصيص بنسبة 22.5 في المائة.
    ولوحظ كذلك وجود لافت من المحافظ الإيطالية والسويسرية بمعدل تخصيص متوسط بلغ 17 في المائة، في حين حاز مديرو الأصول أعلى تخصيص لنوعية المستثمرين بنسبة 57.5 في المائة.
    وبات واضحا تحقيق السعودية هدفها بإيجاد مستثمرين جدد بجيوب جديدة، حيث شهد الإصدار المقوم بعملة اليورو دخول سيولة جديدة تشاهد لأول مرة مع الإصدارات السعودية وهي سيولة قادمة من المستثمرين، الذين يركزون على فئة معينة من الأصول ذات التصنيف الاستثماري investment grade، وكذلك دخول سيولة من الصناديق المتخصصة، التي لا تستثمر إلا بعملة اليورو، وهذه الفئة الأخيرة لا تستطيع شراء السندات السيادية السعودية "المقومة بالدولار" بحكم القيود الاستثمارية، التي تحكم أنشطة الصندوق.
    ولوحظ كذلك وجود لصناديق التحوط ذلك عندما اشتروا 6.5 في المائة من السندات، ما يعني أن تلك الصناديق تراهن على أسعار النفط المستقبلية.
    ويعني تخصيص 10 في المائة لحكومات القارة الأوروبية وبنوكها المركزية ثقة تلك الجهات بالسعودية وخططها الإصلاحية الاقتصادية.

    شركات التأمين الأوروبية
    ومع معدلات الفائدة السالبة المستدامة على ديون ذات آجال استحقاق طويلة الآجل، تقوم شركات التأمين وصناديق المعاشات التقاعدية والبنوك التجارية، التي تستلم الودائع بإعادة تحقيق التوازن في محافظهم الاستثمارية من الأصول الآمنة .
    ونحو 5 في المائة من أصول شركات التأمين الأوروبية (ما يعادل 250 مليار يورو) يتم استثمارها بأدوات الدخل الثابت، مقارنة بـ2 في المائة قبل خمسة أعوام، وفقا لبيانات "رويترز".
    ودفع ازدياد الطلب بالأسواق الثانوية على الإصدارات ذات الدرجة الاستثمارية المرتفعة في الأسواق الناشئة، إلى استبدال بعض شركات التأمين الأوروبية ممتلكاتهم من السندات السالبة إلى نظيرتها المقومة بعملة اليورو وتكون صادرة من دول خارج الاتحاد الأوروبي ككوريا والصين والسعودية، حيث إن هناك "علاقة عكسية" بين ارتفاع أسعار تلك الأوراق المالية وانخفاض العائد.
    وكانت وكالة "رويترز" قد نقلت تصريحات إعلامية لمسؤولين بإدارة الأصول لمصرف "بى إن بى باريبا" الفرنسي ونظيرتها السويسرية لإدارة الأصول التابعة لبنك (يو بي إس) قولهم إنهم لا يميلون للاحتفاظ بالسندات ذات العائد السالب في محافظهم مع تجنب شرائها والتوجه نحو السندات ذات العائد الجذاب.
    وساهم توجه سيولة اليورو الأوروبية نحو سندات الأسواق الناشئة في جعل بعض سندات اليورو الصادرة من كوريا والمكسيك تسجل فائدة سالبة خلال التداولات الثانوية في الربع الرابع في 2019.

    والعاملون بأسواق الدين الأوروبية أفادوا في وقت سابق بأن الجولات الترويجية لسندات دول مثل السعودية وأوكرانيا قد شهدت مشاركة شركات التأمين الألمانية والإيطالية والفرنسية. وتفضل تلك الشركات الانكشاف على السندات المقومة باليورو بدلا من الاستثمار بالسندات المقومة بالدولار والانكشاف على مخاطر تباين أسعار الصرف الأجنبي.

    عقود مقايضة اليورو بالدولار
    وكشف رصد سابق للصحيفة عن إصدارات الدول بالأسواق الناشئة أنه بعض تلك الاقتصاديات، التي تربط عملتها بالدولار ولا يكون لديها التزامات قائمة باليورو، تقوم بالاستعانة بعقود تسمح باستبدال متحصلات إصدار السندات المقومة باليورو إلى عملة الدولار، في خطوة تقود لارتفاع تكاليف الإصدار.
    وأحد المصرفيين في البنوك، التي رتبت إصدار اليورو للسعودية قد أكد لصحيفة "جلوبل كابيتال" البريطانية "أن السعودية لديها التزامات باليورو ولن تدخل بعقود استبدال عملة اليورو" (القادمة من متحصلات الإصدار) بعملة الدولار المعروفة بـ euro-dollar swap.
    ويعد وجود "التزامات liabilities لليورو" مماثلة لحجم إصدار سندات اليورو أمرا إيجابيا لثلاثة أسباب. أولها أن ذلك يعد بمنزلة التحوط الطبيعي، نظرا لتجنيب المملكة مخاطر أسعار الصرف بين اليورو والدولار (لكون وجود تدفقات نقدية باليورو من جراء الالتزامات التي أنشأتها السعودية).
    في حين يكمن الأمر الثاني في أن عدم الاستعانة بهذه العقود يعني حدوث وفرة بتكاليف الإصدار. فإيجاد التزامات باليورو يعني أن تلك الالتزامات قد تكون على شكل استثمارات متوقعة للحكومة (أو صناديقها) بالقارة الأوروبية أو مدفوعات مقومة لليورو أو حتى مشاريع.
    وكانت "الاقتصادية" قد أشارت في 2 تموز (يوليو) 2019 إبان تغطيتها الخاصة لإصدار سندات اليورو، إلى أن الجهة، التي تدير "مؤشرات السندات"، وهي مؤشرات سندات "جي بي مورجان" للأسواق الناشئة، أن الإصدار السعودي القادم مؤهل للانضمام لمؤشر سندات اليورو المعروف بـ EURO EM--BIG.
    وذكرت في حينه أنه من المنتظر أن يعزز ذلك الانضمام الطلب على الإصدار السعودي خلال التداولات الثانوية بعد أن يتم إدراج الشريحتين.
    وذكرت أن عائد شريحة الأعوام الثمانية يعد أقل عائد تم تسجيله في تاريخ إصدارات السعودية الدولية المقومة بالعملات الصعبة، ويقوم افتراض الصحيفة باعتبار استخدام متحصلات الإصدار المقومة باليورو وتوجيهها نحو أغراض مقومة بعملة الإصدار نفسها، دون الحاجة إلى استبدال عملة الإصدار بعملة أخرى.
    وعلى الرغم من تفاوت المصادر، التي تحدد العدد الفعلي للدول المنضوية تحت مسمى "الأسواق الناشئة أو الصاعدة"، فإن هناك إجماعا على أن تعداد تلك الدول يراوح بين 38 دولة و45 دولة، ضمنها دول الخليج وروسيا والصين وكوريا والهند.
    من ناحية أخرى، أبان المركز الوطني لإدارة الدين خلال وصفه لخطة الاقتراض السنوية لعام 2020 بأن محفظة الدين الخارجية بأن الدين المقوم بعملة اليورو يبلغ أقل من 2 في المائة من إجمالي محفظة الدين في نهاية 2019.
    وقد يبحث المركز فرص إصدارات خارجية بعملات غير الدولار الأمريكي، حسب أوضاع الأسواق الدولية وعوامل العرض والطلب. وتتميز المملكة باحتياطياتها الكبرى من العملات الأجنبية، ولها سياسة سعر صرف مستقرة.
    ويكثر الطلب حاليا على أدوات الدين الدولارية الصادرة من السعودية وقطر وأبوظبي والكويت، التي تمتاز جميعها بارتفاع تصنيفها الائتماني (الذي يجعلها أقرب للملاذات الآمنة في نظر البعض)، إضافة إلى العائد المتميز الذي يأتي في وقت وجد فيه مستثمرو الدخل المتخصصون بالأسواق الناشئة والمتقدمة أنفسهم بين خيارات عدة كالاستثمار بالسندات السالبة أو المغامرة مع سندات الدول والشركات، التي تعرف بسندات الخردة، التي تمتاز بالعائد المرتفع ومخاطر عدم السداد المحتملة بسبب انخفاض درجة التصنيف الائتماني لجهة الإصدار لما دون الدرجة الاستثمارية sub-investment grade.
    * وحدة التقارير الاقتصادية

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية